افتتاح الأسبوع العربي للتنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية

Share it:
أدلى أحمد التازي السفير المندوب الدائم للمملكة المغربية لدى جامعة الدول العربية، إثر مساهمته في افتتاح الأسبوع العربي للتنمية المستدامة والاجتماع الأول للجنة العربية لمتابعة أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية، بالتصريح التالي: "عادة ما نُعْقِدُ اجتماعاتِنا ليوم أو ليومين، لكن، بدءا بيومه الأحد 14 ماي 2017، سنخصص أسبوعا بكامِلِهِ للتنمية المستدامة، يَتَخَلَّلُهُ الاجتماع الأول للجنة العربية لمتابعة أهداف التنمية المستدامة 2030 في المنطقة العربية.

وهذا يترجم العناية القصوى التي نريد، كعرب وكجزء من المجتمع الدولي، أن نوليها للتنمية المستدامة في منطقتنا العربية، ومنها في العالم بأسره، كما يدل على أهمية الموضوع وتشعبه وخطورته إذا لم ننهض به ونعالجهُ بالأساليب الذكية والمبتكرة المناسبة. في الحقيقة، إن الأمر مرتبط باستخلاف الإنسان في الأرض وببقائه عليها.

فالتنمية المستدامة، كمصطلح عصري، حداثي، مرادٌف لصراع الإنسان من أجل البقاء والعيش الآمِن والمطمئن والكريم، الذي كافح لبلوغه منذ أن بعثه الله إلى الأرض. اختلفت طبيعةُ التحدي كما تطوَّر حجمه عبر العصور، لكن ظلَّ جوهرُهُ متسقا بحياة الإنسان ومدى قدرته على حسن استغلال المحيط الذي يعيش فيه للرقي بظروفه، مع الحفاظ على هذا المحيط لكي يستمر في تزويده بما يحتاج إليه. كان وسيبقى دائما الهدف الأسمى هو نجاح المجتمعات البشرية في تحقيق التوازن بين ضرورة بلوغ نسبِ تنميةٍ كفيلةٍ بالاستجابة لمتطلبات الأفراد من أكل وشرب وسكن وشغل وتطبيب وتعليم وحركة حرة وأمن واستقرار، من جهة، وبين ضرورة الحفاظ على التوازن البيئي والموارد الطبيعية اللازمة لذلك من جهة أخرى.

إذا كانت هذه هي المعادلة الشاملة والعامة، فإنه يتفرعُ عنها مُعادلاتٍ لا تقل أهمية وتعقيدا، لا يتسع الوقت لسردها، ولكن أودُّ أن أشير إلى ما هو مرتبطٌ منها بـ"حبَّ الذات وحب الإبن"، حيثُ إذا كان من حق الفرد أن يبحث عن رَغَدِ العيش، فعليه كذلك أن يفكر فيما سيتركه لأبنائه وأحفاده من الأجيال القادمة التي ستعيش في كوكب الأرض نفسه وستكون لها طموحات مشروعةٌ مماثلة. أليس من صميم التنمية المستدامة كذلك التعاطي بحكمة وتبصر مع معادلة أخرى ألا وهي الترابطُ بين الأمن والاستقرار والنمو الاقتصادي، إذ لاَ أَمْنَ بدون تنمية ولا تنمية بدون أَمْنٍ. فهذا تحد آخر ماثلٌ أمامنا في منطقتنا العربية ويستوجب منا الاشتغال، بكل جدية وحزم وحسن نية، على ثلاثة مسارات متوازية: تسوية الأزمات السياسية، التي تنخر الذات العربية، والتعاون الأمني لمواجهة ظاهرة الإرهاب الهدامة، والاندماج الاقتصادي.

وهنا لا بد من التركيز على ضرورة المقاربة التشاركية في جميع تلك المسارات. فالكلُّ يعلم بأن مَا مِنْ موضوع ذي طابع أفقي إلا ويحتاج إلى تظافر الجهود وتنسيقها، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي أو المحلي. فكمِثال، العولمة وما تفرضه من تحديات، وظاهرة الاحتباس الحراري وما يترتب عنها من مضاعفات، لا تخصُّان بلدا بعينه بل جميع أرجاء المعمور.

لذا، وجب التعاطي مع هاتين الظاهرتين وغيرهما بمقاربة تشاركية تُدْمِجُ مجهودات جميع مكونات المنتظم الدولي، بالموازاة مع ما يمكن القيام به على المستوى الإقليمي والمحلي، مراعاة للخصوصيات وحتى يشعر أيضا كلُّ فاعل بأنه معنيٌّ ومسؤولٌ ومُتَمَلِّكٌ للحل وللنتائج. إن المغرب الذي احتضن أشغال مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ ﴿COP 22﴾ بمدينة مراكش في نوفمبر 2016 واستضاف كذلك المنتدى العربي للتنمية المستدامة بالرباط مطلع شهر ماي الجاري، الذي ستُعرض نتائجه على المنتدى الدولي المعني بالتنمية المستدامة،لماض في اقتسام تجربته الرائدة بشأن تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 مع أشقائه العرب والأفارقة من منطلق الاقتناع بالمسؤولية التضامنية وبالعمل الجماعي.
Share it:

ثقافة

Post A Comment:

0 comments: