المخرجة بشرى ايجورك:العمل الفني الذي يتضمن صدق المشاعر والاحاسيس يُكتب له الخلود
أجرى الحوار: عاطف سليمان
بشرى إيجورك ممثلة وكاتبة ومخرجة، خريجة المعهد العالي للفن المسرحي، والتنشيط الثقافي بالرباط، وتكوين متخصص في الإخراج بالمدرسة العليا للصوت، والصورة بباريس la fémis، حاصلة على ماستر متخصص في التراث اللامادي من كلية الآداب ابن مسيك بالدار البيضاء، وأحضر حاليا رسالة الدكتوراه بجامعة ابن زهر بأكادير مديرة المركز الثقافي الفردوس بالدار البيضاء.
شاركت كممثلة في مجموعة من الأعمال المسرحية والتلفزيونية والسينمائية من بينها فيلم" غزل الوقت" و"جذور أركان"، و"رحيل البحر"، و"وجها لوجه"، ومسلسل "ماريا نصار"، والمسلسل السوري " سيد العشاق"، كسينارسيت شاركت في كتابة مجموعة من الأعمال "سلسلة للا فاطمة" و"ياك حنا جيران" و مسلسل " دموع الرجال" الذي قمت بإدارة ورشة كتابته، وقدمت أحد أدواره الناجحة " نوال".
أخرجت مجموعة من الأفلام التي لاقت نجاحا كبيرا، وحصلت على عدة جوائز وطنية ودولية، " فيلم البرتقالة المرة" و الفيلم الوثائقي " كروان" ومجموعة من الأفلام الوثائقية إنتاج الجزيرة الوثائقية من بينها " الثوار الجدد" و "الحي المنسي"، و" قرى بدون رجال"، و" الوجه الأزرق" و" رزق من حجر" و أخرى إنتاج الجزيرة الإخبارية من بينها " فارس الركح" و "أقلام مزعجة".
عرفت كذلك ككاتبة رأي من خلال عمود " فلاش باك" بجريدة المساء ثم بجريدة الأخبار بالمغرب.
*لاقى فيلمك " البرتقالة المرة" نجاحا كبيرا ولازال يحظى بالإعجاب و المتابعة ما السر في ذلك ؟
نجاح فيلمي " البرتقالة المرة " يعود لصدق التمثيل والسيناريو فيه، حيث أخرجت فيلم " البرتقالة المرة" قبل سنوات و يعتبر أول فيلم طويل درامي أخرجه، تحكي قصة الفيلم عن فتاة تحب شرطي مرور في سنوات الثمانينات، وتتعلق به دون أن يدري, فيتزوج من أخرى وتصاب بالجنون، سر نجاح الفيلم رومانسيته الصادقة، وقوة أداء الممثلين و اختيار موفق للديكور وموسيقى مأثرة، بمعنى أن تفاصيل العمل اجتمعت لتجعل منه عملا خالدا في قلوب كل من شاهده والجميل أن في إعادته متعة لا يمل منه المشاهد، لا توجد وصفة سحرية لنجاح فيلم أو سر ما، أومن بأن أي عمل يمزج بين الجمالية وعمق وصدق المشاعر، والإدارة الجيدة للممثلين وجرعة قوية من الأحاسيس يضمن الخلود.
*أفلامك الوثائقية تجمع بين البعد الإنساني و تسلط الضوء على هوامش المجتمع المغربي..كيف تختارين مواضيعك وما هي رسالتك ؟
في أعمالي أمزج دائما بين البعد الإنساني وجمالية الصورة، حيث أخرجت العديد من الأفلام الوثائقية التي طرحت من خلالها مواضيع تهم المجتمع المغربي من زاوية أعبر من خلالها عن أرائي وأسئلتي واختياراتي الفكرية و الجمالية، خصوصا أن أعمالي تعرض على قناة وثائقية عربية لديها نسب مشاهدة هامة كما أن فيلمي "قرى بدون رجال" مثلا تجاوز المليوني مشاهدة على اليوتوب، وهذا دليل على أن المحلية هي السبيل لتجاوز الحدود وهي تذكرة العبور نحو الآخر من خلال أفلام وشخصيات تنتمي لعمق المجتمع المغربي نساء كادحات شامخات يحكين معاناتهن بكل كبرياء أو عمال مناجم مهملة يقتاتون من بقايا المعادن في فيلمي " رزق من حجر" ..
أحاول دائما أن أمزج بين البعد الإنساني وبين جمالية الصورة وخلق تناغم بين الشكل والمضمون حتى يكون لأفلامي إيقاع و نبض يمكنني من الوصول إلى قلوب وعقول المشاهدين وأخاطب ذكاءهم وأحاسيسهم
*لديك قبعات عدة، فأنت كاتبة و ممثلة و مخرجة ومديرة مركز ثقافي ؟ كيف تمزجين بين كل هاته التخصصات؟ وأين تبدعين أكثر ؟
أعتقد أن كل مجال بالنسبة لي هو مكمل للآخر, شخصيتي تميل للتعدد في المواهب و في الممارسات الفنية, لا أهوى الانغلاق و لذلك اخترت أيضا البحث الأكاديمي و أحضر الدكتوراه ..لكنني أيضا أومن بالتخصص و التكوين و لذلك لم أدخل أي مجال مما تفضلت بذكره إلا بعد الدراسة و البحث و التجريب, فأنا أكره الطفيليين في كل الميادين و خصوصا الفن و الإعلام, أميل لكل التعبيرات الفنية فهي نفسها تختلف فقط الأدوات ..الكتابة و الإخراج أعتبرهما حريتي التي أعبر من خلالها عن وجودي وعن فلسفتي في الحياة و أسلوبي في التفكير و الإبداع..
أجد متعة كبيرة في المزج بين هذه الأشكال المختلفة من التعبيرات الفنية و الإبداعية , و إن اختلفت الأساليب فالروح واحدة و الفكر و العمق و الالتزام بالقضايا الإنسانية واحد أيضا ..
*حصلت على جوائز عدة و شاركت في مهرجانات مغربية و عربية و دولية ..ماذا أضافت لك هذه المحطات؟
فعلا حصلت أفلامي على جوائز عدة و كنت محظوظة بالمشاركة في عدة مهرجانات كبرى من بينها مهرجان مراكش السينمائي الدولي حيث استفدت من ورشة في الإخراج السينمائي مع المخرج المرحوم عباس كيروستامي و ماستر كلاس مع المخرج مارتن سكورتسيزي
كما شاركت أفلامي بمهرجان السينما العربية بوهران و مهرجان تريبكا بأمريكا و أيام بيروت السينمائية و غيرها من الملتقيات الفنية الهامة وطبعا استفدت كثيرا من خبرات مخرجين أكفاء و التقيت فنانين من بقاع العالم وشاركت بورشات تكوينية ولازلت أطمح أن تصل أعمالي لجمهور أكبر و أن يكون لها تأثير أعمق.
*الفيلم المغربي – رغم تقنياته العالية و الحديثة - إلا أنه لم يصل إلى المشاهد العربي؟
أومن بقوة أن أي بلد هو المسؤول الأول عن الترويج للغته و هويته عبر وسائط عدة، والفن والإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي حاليا أقوى هذه السبل التي يجب استغلالها بشكل ممنهج كي نوصل لغتنا وإبداعاتنا وتاريخنا وهويتنا وموروثنا إلى الآخر، وللأسف لازال المغرب متأخرا في هذا المجال وخارج منافسة القنوات الفضائية الدرامية والسينمائية والإخبارية، فاللغة أساس التواصل و التبليغ وتشكل عائقا إذا لم تفهم .. الأغنية المغربية حاليا حاولت فك هذا الحصار ولكن لازلنا في بداية المشوار ..من جهة أخرى المتلقي العربي لا يقوم بمجهودات لاكتشاف لغة الآخر و خصوصا شمال إفريقيا ويعتبر اللهجة المغربية صعبة وهذا غير صحيح، المغاربة منفتحون بشكل كبير على كل اللغات والثقافات أوروبية و أمريكية وعربية وأمازيغية ولديهم فضول ومتعة في اكتشاف الآخر، لذلك نتكلم لغات عدة ونفهم عدة لهجات دون عقد أو حسابات ضيقة.
الفيلم المغربي عرف انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة و المخرجون المغاربة عرفوا بقوة إبداعاتهم و حضورهم اللافت بعدة مهرجانات عالمية و استطاعوا أن يصنعوا للسينما المغربية مكانة محترمة بين نظيراتها.
*حضورك بمهرجانات عدة كرئيسة لجنة التحكيم ودعمك لمبادرات شابة في تأسيس مهرجانات سينمائية ما الهدف منه؟
طبعا لا أتردد في تقديم الدعم لكل الشباب و في كل مناطق المغرب خصوصا البعيدة جنوبا و شمالا كي يحققوا ذواتهم و يطوروا الحركة المسرحية و السينمائية بمناطقهم, شاركت في تأسيس مهرجانات و في ورشات تكوينية و ندوات إيمانا مني بأن الثقافة و الفنون هم السبيل لإنقاذ الشباب من كل أشكال الانحراف و التطرف, كما أنني أحب مشاركة تجربتي و معارفي مع شباب طموح يعمل بتفان وروح وطنية من أجل خير هذا البلد..لابد من دعم هذه المهرجانات و الملتقيات الثقافية التي تقرب بين الشباب من المغرب و من دول شقيقة و دول أخرى بعيدة حتى تكون قاطرة لنبذ الأحكام الجاهزة و العنف و خلق ثقافة التسامح و التكامل و الاحترام المتبادل.
*شاركت في بطولة المسلسل السوري "سيد العشاق" متى سنراك ممثلة في الدراما المصرية؟
يشرفني ذلك ويسعدني وأكيد مشاركتي في الدراما المصرية ستسعد كل من يتابعني و يهتم بمسيرتي, أحترم الدراما والسينما المصرية، وهي حلم كل فنان ولها مكانة خاصة بالوطن العربي، ولي أصدقاء كثر فنانين مصريين أعتز بصداقتهم الممثلة الجميلة روجينا، والممثل المقتدر باسم سمرة وفتحي عبد الوهاب، وطبعا المبدع أحمد عبد العزيز الذي كان تكريمه بمهرجان السينما والبحر بالمغرب تكريما لنجم أحبه المغاربة واحتضنوه بكل تقدير ومحبة وشخصيا أتمنى أن يجمعني عمل ما معه لأنه فنان كبير بأخلاق عالية و روح طيبة.
وتقول في كلمة لقراء مجلة فرسان العرب سعيدة بهذا اللقاء الذي سيقربني من قراء هذه الجيدة القيمة التي أتمنى لها مزيدا من النجاح و التميز وأتمنى للشعب المصري الشقيق السلم و الأمان و الرقي .أحبكم.
Post A Comment:
0 comments: